فضيلة العلامة عبد المحسن بن حمد العباد : • أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - :
روى البخاري في " صحيحه " : (3712) : أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال لعلي - رضي الله عنه - : ( والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي ) .
وروى البخاري في " صحيحه " أيضًا (3713) عن ابن عمر ، عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال : ( ارقبوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته ) .
قال الحافظ ابن حجر في " شرحه " : ( يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به ، والمراقبة للشيء : المحافظة عليه ، يقول : احفظوه فيهم ، فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم ) .
وفي " صحيح البخاري " : (3542) عن عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - قال : صلى أبو بكر - رضي الله عنه - العصر ، ثم خرج يمشي ، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان ، فحمله على عاتقه ، وقال : ( بأبي شبيه بالنبي ، لا شبيه بعلي . وعلي يضحك ) .
قال الحافظ في " شرحه " : ( قوله : بأبي : فيه حذف تقديره أفديه بأبي ) .
وقال أيضًا : ( وفي الحديث فضل أبي بكر ومحبته لقرابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ) .
• عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - :
روى البخاري في " صحيحه " : (1010) ، و (3710) عن أنس - رضي الله عنه - : أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : ( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون ) .
والمراد بتوسل عمر - رضي الله عنه - بالعباس - رضي الله عنه - التوسل بدعائه ؛ كما جاء مبينًا في بعض الروايات ، وقد ذكرها الحافظ في شرح الحديث في كتاب الاستسقاء من " فتح الباري " .
واختيار عمر - رضي الله عنه - للعباس - رضي الله عنه - للتوسل بدعائه ؛ إنما هو لقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولهذا قال - رضي الله عنه - في توسله : ( وإنا نتوسل إليك بعم نبينا ) ، ولم يقل : بالعباس .
ومن المعلوم أن عليًا - رضي الله عنه - أفضل من العباس ، وهو من قرابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، لكن العباس أقرب ، ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يورث عنه المال لكان العباس هو المقدم في ذلك ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر ) ، أخرجه البخاري ومسلم .
وفي " الصحيحين " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر عن عمه العباس : ( أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه ) !؟
وفي " تفسير ابن كثير " لآيات الشورى : قال عمر بن الخطاب للعباس - رضي الله تعالى عنهما - : ( والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم ؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إسلام الخطاب ) ، وهو عند ابن سعد في " الطبقات " : (4/22 ، 30) .
وفي كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " : (1/446) لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم ، فبدأ بأقربهم فأقربهم نسبًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما انقضت العرب ذكر العجم ، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين ، وسائر الخلفاء من بني أمية وولد العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك ) .
وقال - أيضًا - (1/453) : ( وانظر إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين وضع الديوان ، وقالوا له : يبدأ أمير المؤمنين بنفسه ، فقال : لا . ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله ، فبدأ بأهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم من يليهم ، حتى جاءت نوبته في بني عدي ، وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش ) .
وتقدَّم في فضائل أهل البيت من السنة حديث : ( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ) ، وأن هذا هو الذي دفع عمر - رضي الله عنه - إلى خطبة أم كلثوم بنت علي ، وقد ذكر الألباني في " السلسلة الصحيحة " تحت رقم : (2036) طرق هذا الحديث عن عمر - رضي الله عنه - .
ومن المعلوم أن الخلفاء الراشدين الأربعة - رضي الله عنهم - هم أصهار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - حصل لهما زيادة الشرف بزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بنتيهما : عائشة وحفصة ، وعثمان وعلي - رضي الله عنهما - ، حصل لهما زيادة الشرف بزواجهما من بنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتزوج عثمان - رضي الله عنه - رقية ، وبعد موتها تزوج أختها أم كلثوم ، ولهذا يقال له : ذو النورين ، وتزوج علي - رضي الله عنه - فاطمة - رضي الله عنها - .
وفي " سير أعلام النبلاء " للذهبي ، و " تهذيب التهذيب " لابن حجر في ترجمة العباس : ( كان العباس إذا مر بعمر أو بعثمان ، وهما راكبان ، نزلا حتى يجاوزهما إجلالاً لعم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .
• عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - :
في " الطبقات " لابن سعد (5/333) ، و (5/387 ، 388) بإسناده إلى فاطمة بنت علي بن أبي طالب أن عمر بن عبد العزيز قال لها : ( يا ابنة علي ! والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إليَّ منكم ، ولأنتم أحب إليَّ من أهل بيتي ) .
• أبو بكر بن أبي شيبة - رحمه الله - :
في " تهذيب الكمال " للمزي في ترجمة علي بن الحسين ، قال أبو بكر بن أبي شيبة - رحمه الله - : ( أصح الأسانيد كلها : الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ) .
• شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
قال ابن تيمية - رحمه الله - في " العقيدة الواسطية " : ( ويحبون - يعني : أهل السنة والجماعة - أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال يوم غدير خم : ( أذكركم الله في أهل بيتي ) ، وقال أيضًا للعباس عمه - وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم – فقال : ( والذي نفسي بيده ، لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) ، وقال : ( إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشًا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) .
ويتولون أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين ، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة ، خصوصًا خديجة - رضي الله عنها - ، أم أكثر أولاده ، وأول من آمن به وعاضده على أمره ، وكان لها منه المنزلة العالية ، والصديقة بنت الصديق - رضي الله عنها - ، التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) ، ويتبرَّؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ) .
وقال - أيضًا - في " الوصية الكبرى " ؛ كما في " مجموع فتاواه " : (3/407 ، 408) : ( وكذلك آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم من الحقوق ما يجب رعايتها ؛ فإن الله جعل لهم حقًا في الخمس والفيء ، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لنا : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) .
وآل محمد : هم الذين حرمت عليهم الصدقة ، هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء - رحمهم الله - ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ) ، وقد قال الله تعالى في كتابه : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ، وحرم الله عليهم الصدقة ؛ لأنها أوساخ الناس ) .
وقال - أيضًا - ؛ كما في " مجموع فتاواه " : (28/491) : ( وكذلك أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجب محبتهم وموالاتهم ورعاية حقهم ) .
• الإمام ابن القيم - رحمه الله - :
قال ابن القيم في بيان أسباب قبول التأويل الفاسد : ( السبب الثالث : أن يعزو المتأول تأويله إلى جليل القدر ، نبيل الذكر ، من العقلاء ، أو من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو من حصل له في الأمة ثناء جميل ولسان صدق ؛ ليحليه بذلك في قلوب الجهال ، فإنه من شأن الناس تعظيم كلام من يعظم قدره في نفوسهم ، حتى إنهم ليقدمون كلامه على كلام الله ورسوله ، ويقولون : هو أعلم بالله منا !
وبهذا الطريق توصل الرافضة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية إلى تنفيق باطلهم وتأويلاتهم حين أضافوها إلى أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لما علموا أن المسلمين متفقون على محبتهم وتعظيمهم ، فانتموا إليهم وأظهروا من محبتهم وإجلالهم وذكر مناقبهم ما خيل إلى السامع أنهم أولياؤهم ، ثم نفقوا باطلهم بنسبته إليهم .
فلا إله إلا الله ! كم من زندقة وإلحاد وبدعة قد نفقت في الوجود بسبب ذلك، وهم برآء منها .
وإذا تأملت هذا السبب رأيته هو الغالب على أكثر النفوس ، فليس معهم سوى إحسان الظن بالقائل ، بلا برهان من الله قادهم إلى ذلك ، وهذا ميراث بالتعصيب من الذين عارضوا دين الرسل . مما كان عليه الآباء والأسلاف ، وهذا شأن كل مقلِّد لمن يعظمه فيما خالف في الحق إلى يوم القيامة ) . " مختصر الصواعق المرسلة " : (1/ 90) .
• الحافظ ابن كثير - رحمه الله - :
قال ابن كثير في تفسيره لآية الشورى بعد أن بين أن الصحيح تفسيرها بأن المراد بـ " القُرْبَى " بطون قريش ، كما جاء ذلك في تفسير ابن عباس للآية في " صحيح البخاري " ، قال - رحمه الله - : ( ولا ننكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم ؛ فإنهم من ذرية طاهرة ، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض ، فخرًا وحسبًا ونسبًا ، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية ، كما كان سلفهم ، كالعباس وبنيه ، وعلي وأهل بيته وذريته ، - رضي الله عنهم أجمعين - ) .
وبعد أن أورد أثرين عن أبي بكر - رضي الله عنه - ، وأثرًا عن عمر - رضي الله عنه - في توقير أهل البيت وبيان علو مكانتهم ، قال : ( فحال الشيخين - رضي الله عنهما - هو الواجب على كل أحد أن يكون كذلك ، ولهذا كانا أفضل المؤمنين بعد النبيين والمرسلين ، - رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة أجمعين - ) .
• الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :
قال ابن حجر في " فتح الباري " : (3/11) في حديث في إسناده علي بن حسين ، عن حسين بن علي ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - ، قال : ( وهذا من أصح الأسانيد ، ومن أشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أبيه ، عن جده ) .
• شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - :
وأما شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - فله ستة بنين وبنت واحدة ، وهم : عبد الله ، وعلي ، وحسن ، وحسين ، وإبراهيم ، وعبد العزيز ، وفاطمة ، وكلهم بأسماء أهل البيت ما عدا عبد العزيز ، فعبد الله وإبراهيم ابنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والباقون علي وفاطمة وحسن وحسين : صهره وبنته - صلى الله عليه وسلم - وسبطاه .
واختياره تسمية أولاده بأسماء هؤلاء يدل على محبته لأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقديره لهم ، وقد تكررت هذه الأسماء في أحفاده .
وفي ختام هذا الفصل أقول : لقد رزقني الله بنين وبنات ، سميت باسم علي والحسن والحسين وفاطمة ، وبأسماء سبع من أمهات المؤمنين ، والمسمى بأسمائهم جمعوا بين كونهم صحابة وقرابة .
والحمد لله الذي أنعم عليَّ بمحبة صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ، وأسأل الله أن يديم عليَّ هذه النعمة ، وأن يحفظ قلبي من الغل على أحد منهم ، ولساني من ذكرهم بما لا ينبغي ، ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) . [ الحشر : 10 ] .